جهود من أجل السلام والأمن
يُعد الالتزام العالمي بالسلام والأمن وحقوق الإنسان وحماية الأقليات من الثوابت الأساسية للسياسة الخارجية الألمانية، وهي نابعةٌ من القانون الأساسي. وتتولَّى ألمانيا المهمة، من ناحية، من منطلق المسؤولية التاريخية؛ ومن ناحيةٍ أخرى، يصب منعُ وقوع الأزمات وإدارةُ النزاعات كذلك في مصلحة ألمانيا، لأن تأثيرات الأزمات يمكن الشعورُ بها في جميع أنحاء العالم ومن ثم في ألمانيا أيضًا. إن الحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا، والتي تنتهك القانونَ الدوليّ، تقوِّضُ بشدة الأمنَ والاستقرارَ الدوليين في أوروبا.
يتمثَّل أساسُ سياسة ألمانيا الخارجية في تكاملها متعدد الأطراف. لذا تُنفَّذ عملياتُ الجيش الألماني دائمًا في إطار أنظمة الأمن الجماعي أو أنظمة الدفاع، وفي مقدمتها المنظماتُ الدولية مثل الأمم المتحدة (UN) أو الاتحاد الأوروبي (EU) أو حلف شمال الأطلسي(الناتو). وتتطلَّب عمليات نشر الجيش الألمانيّ في الخارج، فضلاً عن ذلك، موافقةَ البوندستاغ الألماني. ولذلك يُشار إلى الجيش الألمانيّ كذلك باسم جيش البرلمان.
منع الأزمات
تحظى الأدواتُ المدنية بالأولوية دائمًا لدى الحكومة الاتحادية في هذا الصدد. والهدفُ الأهم هو تحديد الأزمات والنزاعات مبكرًا، ونزعُ فتيلها في أقرب وقتٍ ممكن قبل أن تتفاقم. ويعتبر نزعُ السلاح والحد من التسلُّح عنصرين أساسيين في السياسة الخارجية الألمانية. تُشكِّل المبادئُ التوجيهية "منع وقوع الأزمات، وإدارة النزاعات، وتعزيز السلام"، التي وُضعت تحت رعاية وزارة الخارجية الألمانية، هي التوجيه الاسترشاديّ للجهود المبذولة لتعزيز السلام والأمن والتنمية منذ العام 2017.
وترى الحكومة الاتحادية أن مهمةً محورية تتبلور في إيلاء المزيد من الاهتمام للترابطات بين أزمة المناخ ومسائل السلام والأمن والتنمية المستدامة بغية التعرُّف على النزاعات المتعلّقة بالمناخ في مرحلةٍ مبكرة. وتبرز في بؤرة التركيز بشكلٍ متزايد التهديداتُ الجديدة للأمن العالمي في الفضاء الإلكتروني. وتواجه الحكومة الاتحادية هذه التحدّيات المتنوعة باستراتيجيةٍ جديدة للأمن القومي، والتي صادقت عليها الحكومة الاتحادية في حزيران/يونيو 2023. وترتكز الاستراتيجيةُ إلى مفهومٍ أمنيٍّ شامل، يأخذُ بعين الاعتبار جميعَ جوانب الأمن البشريّ. وتشتمل محاور السياسة الأمنية الألمانية على الدفاع والمرونة والاستدامة.
المسؤولية في حلف الناتو
اندمجت ألمانيا سياسيًا وعسكريًا في حلف الناتو «حلف شمال الأطلسي» منذ تأسيس الجيش الألمانيّ في العام 1955. ويعتبر الرسوخ الثابت في حلف شمال الأطلسي الدفاعيّ جزءًا من "جوهر" السياسة الخارجية الألمانية. الهدف الأسمى لهذا الحلف هو الدفاع المشترك: حيث تضمن الدول الأعضاء حماية متبادلة فيما بينها إضافة إلى العمل المشترك في مواجهة الأزمات والنزاعات. ويضم الناتو حاليا 32 دولة.
هذا ويعتبر الجيش الألمانيّ أحد أكبر المشاركين في قوات الناتو. حيث يشارك في المهمات الدولية، كما في حماية بلدان الحلف على السواء. وتشارك ألمانيا على سبيل المثال منذ العام 1999 في قوات KFOR لحفظ السلام في كوسوفو. علاوة على ذلك يتولى الجيش الألماني في ليتوانيا مهمة ريادية في حماية الجبهة الشرقية للحلف ضمن إطار اعتباره الأمة الإطارية. ويتم هذا ضمن إطار مهمة الوجود الأمامي المعزز (eFP)، الذي يهدف إلى حماية الدول الأوروبية الشرقية. تدعم ألمانيا التعاون الوثيق بين الناتو والاتحاد الأوروبي وتعمل بكل جهد من أجل مراعاة تبعات التحول المناخي بشكل أكبر في صياغة السياسة الأمنية.
وفي سياق حرب العدوان الروسية، عمدت الحكومة الألمانية الاتحادية في العام 2022 إقرار مخصصات استثنائية للجيش الألماني بقيمة 100 مليار يورو. وتذهب هذه المخصصات إلى تحديث الجيش الألماني وتعزيز حماية البلاد وكذلك الحلفاء في الناتو. بهذا تفي ألمانيا كذلك بالتزاماتها من قمة حلف الناتو المنعقدة في ويلز عام 2014، وتلك المعقدة مؤخرا في مدريد في حزيران/يونيو 2022، وتستثمر على المدى البعيد في القدرات العسكرية اللازمة.
عضوٌ موثوقٌ وقيِّمٌ في الأمم المتحدة
لطالما كانت الجمهورية الاتحادية عضوًا ملتزمًا وموثوقًا وقيِّمًا في الأمم المتحدة UN منذ انضمامها إلى المنظمة العالمية في العام 1973. وألمانيا هي رابع أكبر مساهم في الميزانية العادية للأمم المتحدة. كانت حصة ألمانيا في الميزانية في العام 2024 حوالي 219 مليون دولار أمريكي بنسبة 6.1 في المائة. كما تعتبر ألمانيا رابع أكبر المانحين لموازنات بعثات السلام المختلفة. حيث يتخذ شكل دعمها للمهمات أيضا إجراءات تعزيز الاستقرار والوساطات الدبلوماسية ورعاية ما بعد الأزمة، كما تشارك أيضًا بالجنود وضباط الشرطة والأفراد المؤهَّلين.
تتمتع الأمم المتحدة من جهتها بحضورٍ كثيف في ألمانيا ولها فروعٌ داخل البلاد. فقد افتتحت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR مكتبًا فرعيًا لها في بون في العام 1951 . وتوجد حاليًا 30 منظمة تقريبًا تابعة للأمم المتحدة في ألمانيا، وعلى وجه الخصوص، في مجمع الأمم المتحدة في بون، حيث تستقر أكثرُ من 20 مؤسسة ومنشأة.
ركيزةٌ أساسيةٌ أخرى للسلام والأمن هي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ( OSCE OSCE تشارك 57 دولة في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا "OSCE" وهي تعتبر منتدى شاملا للتعاون الأوروبي. مهمات OSCE تتجلى فعليا وقبل كل شيء بالوقاية من الأزمات. وتشارك ألمانيا بشكل كبير في مهمات المنظمة بالمال والرجال. السكرتارية العامة للمنظمة مقرها في العاصمة النمساوية فيينا.→ osce.org معرفة المزيد › )، التي تحظى بدعم ألمانيا الكثيف والمتنوع في مجالات عديدة.
يساهم مركز مهمات السلام الدولية (ZIF)، الذي أسسته الحكومة الاتحادية والبوندستاغ في العام 2002 ، أيضًا في منع الأزمات المدنية ونشر السلام العالمي. ويقوم المركز، الذي يعمل بتكليفٍ من وزارة الخارجية الألمانية، بتدريب خبراء مدنيين أو تعيين موظفين في بعثات حفظ السلام ومراقبة الانتخابات. وقد أُرسل حوالي 6,000 مراقب للانتخابات في غضون 20 عامًا مضت.
التزامٌ بنزع السلاح والحد من التسلُّح
تساهم ألمانيا مساهمةً مهمة في الأمن العالمي من خلال التزامها في مجال نزع السلاح والحد من التسلُّح. وتسعى ألمانيا لتحقيق هدف عالم خالٍ من الأسلحة النووية، على أساس معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وتلتزم ألمانيا أيضًا بعالمية المعاهدات والاتفاقيات الدولية .)NPT( ذات الصلة وإنفاذها، مثل اتفاقية الأسلحة الكيميائية، والتي تُقنِّن معيار عدم استخدام الأسلحة الكيميائية. كما تبذل ألمانيا جهودًا مكثّفة من أجل حظر الألغام والذخائر العنقودية في جميع أنحاء العالم. وتدعم الحكومة الاتحادية، على وجه التحديد، الإجراءات الإنسانية لإزالة الألغام والقنابل المتفجرة ورعاية الضحايا.