رائدةٌ في سياسة المناخ
تأمل ألمانيا في أن تكون دولةً صناعية محايدة مناخيًا بحلول العام 2045 وهذا يجعل الجمهوريةَ الاتحادية من الرواد على مستوى العالم في مواجهة أزمة المناخ. ومفتاح هذا النجاح هو التحوُّل المأمول في استخدام الطاقة، أيّ التحول السريع من الطاقات الأحفورية إلى الطاقات المتجددة. وقد تخلت ألمانيا بالفعل عن الطاقة النووية، ففي العام 2023 تم إقفال آخر المفاعلات النووية الألمانية. كما تم اتخاذ القرار حول التخلي عن الفحم كمصدر للطاقة بحلول العام 2038 كحد أقصى.
يستند الإرشاد التوجيهي لسياسة حماية المناخ الألمانية إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية UNFCCC ومعاهدة باريس للعام 2015، إضافة إلى أجندة 2030 ومبدأ العدالة المناخية. وقد حدَّد المجتمع الدولي لنفسه بموجب معاهدة باريس هدفَ الحد من الاحتباس الحراري إلى أقل من درجتين مئويتين، وإذا أمكن، أقل من 1,5 درجة مئوية. وتضفي الحكومة الاتحادية على هدف حماية المناخ هذا "الأولوية القصوى". وهي تريد من أجل ذلك تحويلَ اقتصاد السوق الاجتماعي إلى اقتصاد سوق اجتماعي بيئي. بالإضافة إلى ذلك، يتبوأ الحفاظ على البيئة وحماية الطبيعة في ألمانيا مكانةً عالية منذ عقود. وتتصدر مكافحة انقراض الأنواع الحياتية ، على وجه الخصوص، جدول أعمال الحكومة.
أهدافٌ واضحة في قانون حماية المناخ الألماني
تتكرَّس المبادئ التوجيهية الواضحة لحماية المناخ من خلال قانون منذ أيار/مايو 2021. حيث ينص هذا القانون على أن ألمانيا ستخفض انبعاثات الغازات العادمة «الدفيئة» بنسبة 65 في المائة على الأقل بحلول العام 2030 مقارنةً بالعام 1990. ويُفترض أن تصل هذه النسبة 88 في المائة بحلول العام 2040 ، على أن تُحقِّق ألمانيا في نهاية المطاف الحيادية المناخية في العام 2045 . وهذا يعني: هناك تعادل بين انبعاثات الغازات الدفيئة والتخلص منها.
انخفضت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في ألمانيا انخفاضًا كبيرًا منذ العام 1990. وتراجعت الانبعاثات بنسبة 60 في المائة تقريبًا لتصل إلى 674 مليون طن في العام 2023، ومن المفترض أن تنخفض القيمةُ إلى 438 مليون طن على الأقل حتى العام 2030.
تطمح ألمانيا إلى أن تكون بلدًا صناعيًا محايدًا مناخيًا بحلول 2045
وضع مسارات تحوُّل الطاقة
تحوُّل الطاقة هو مشروعُ القرن، الذي تعتزم الحكومة الاتحادية إحراز تقدُّمٍ حاسمٍ فيه خلال عشرينيات القرن الحالي. ويُفترض توليد 80 في المئة من احتياجات الكهرباء من طاقاتٍ متجددة، مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، بحلول العام 2030. ومن المفترض أن ينجح التخلُّص التدريجيّ من الفحم، الذي كان مخططًا بالأساس في العام 2038، أثناء هذا العقد. يعد توليد الطاقة من الفحم أحد أكبر أسباب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الضارة بالمناخ.
يلزم تنفيذ تحوُّل الطاقة في أسرع وقتٍ ممكن كذلك لأسبابٍ أمنية وسياسية اقتصادية. وتريد الحكومة الاتحادية دعم إعادة هيكلة إمدادات الطاقة، من خلال عمليات التخطيط ومنح الموافقة الأسرع، على سبيل المثال لأنظمة طاقة الرياح أو محطات الطاقة الشمسية من بين أمورٍ أخرى.
شريكٌ موثوق في سياسة المناخ
تعتمد ألمانيا بشكلٍ كبير على التعاون العالمي في حماية المناخ. ذلك أن المجتمع الدولي لن يستطيع تحقيق الحد المطلوب من ارتفاع درجة الحرارة إلا بتوحيد القوى. وتعتبر "الصفقة الخضراء" للاتحاد الأوروبي لبنةً أساسية في هذا الصدد. وتطمح أوروبا من وراء ذلك إلى أن تصبح أول قارة محايدة مناخيًا بحلول العام 2050. وتدعم ألمانيا من أجل ذلك إصلاحَ تجارة الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي ورفع سعر ثاني أكسيد الكربون، الذي يهدف إلى توفير حوافز لمزيدٍ من حماية المناخ.
تريد الحكومة الاتحادية، في الوقت نفسه، إبرام المزيد من الشراكات المناخية مع دولٍ أخرى خارج أوروبا، خاصةً مع الدول الناشئة المهمة. شراكاتٌ من شأنها، على سبيل المثال، أن تفيد في دعم البلدان الأخرى في التخلُّص التدريجي من توليد الطاقة باستخدام الفحم. كما تخصص ألمانيا أكثر من ستة مليار يورو من أجل حماية المناخ والتكيف مع المناخ في البلدان النامية، وتفي بذلك بحصتها من التزامات الدول الصناعية بتقديم ما يزيد عن 100 مليار دولار سنويا لهذه الغاية.
بعد انتخابات البوندستاغ 2021 أعيد ترسيخ السياسة الخارجية المتعلقة بالمناخ في وزارة الخارجية الألمانية. وقد أقرت الحكومة الاتحادية في كانون الأول/ديسمبر 2023 استراتيجية المناخ المتعلقة بالسياسة الخارجية والتي تجمع أهداف السياسة المناخية لمختلف الوزارات.
زادت حصة إجمالي استهلاك الكهرباء بشكلٍ ملحوظ منذ العام 2000.
حمايةُ البيئة هدفٌ وطني
تلتزم ألمانيا كذلك بحماية الطبيعة والتنوُّع البيولوجي على الصعيدين الوطني والدولي. لقد تكرَّست حمايةُ الطبيعة كهدفٍ وطني في القانون الأساسي، أي الدستور الألماني، منذ العام 1994. وتريد الحكومة الاتحادية تعزيز الحفاظ على التنوُّع البيولوجي – أي تنوع الجينات والأنواع والمجالات الحيوية – من خلال برنامج عمل الحماية الطبيعية للمناخ، على سبيل المثال. وتتوفر للبرنامج، الذي يهدف إلى المساعدة في حماية النظم البيئية الطبيعية مثل الغابات أو السهول الفيضية أو المستنقعات ما مجموعه 3,5 مليار يورو للفترة من 2024 حتى 2027.
تشارك ألمانيا أيضًا بنشاط في حماية الأنواع، مثلاً في إطار اتفاقية واشنطن لحماية الأنواع. وتحمي هذه الاتفاقية أنواعَ الحيوانات والنباتات المُهددة بالانقراض من الاستغلال المفرط من خلال التجارة الدولية. هناك أكثر من مليون نوع مُهدَّد بالانقراض في جميع أنحاء العالم، سيختفي كثيرٌ منها بالفعل في العقود القادمة.