Skip to main content
الاقتصاد والإبداع

اقتصادٌ مبتكر

ألمانيا هي صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في العالم، وهي تتميَّز بقوة الابتكار والتوجه نحو التصدير والشركات متوسطة الحجم القوية. وتطمح الحكومة الاتحادية إلى إنشاء اقتصاد سوقٍ اجتماعيٍّ بيئي.
Lackierroboter
© dpa

ألمانيا هي صاحبةُ الاقتصاد الوطنيّ الأكبر في الاتحاد الأوروبي وثالث أكبر اقتصادٍ في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين. ترتبط الجمهورية الاتحادية ارتباطًا وثيقًا بالاقتصاد العالمي: فهي تُصنَّف بانتظام بين أكبر ثلاث دول في مجال التصدير والاستيراد في العالم. بلغ الناتج المحلي الإجمالي في العام 2023 حوالي 4,2 تريليون يورو. وصدَّرت ألمانيا في ذلك العام سلعًا تبلغُ قيمتُها حوالي 1562 مليار يورو واستوردت في الوقت نفسه سلعًا قيمتُها أكثر من 1353 مليار يورو. أهمُ شركاء ألمانيا التجاريين بنسبة تصل إلى الثلثين تقريبا هم دولُ الاتحاد الأوروبي تليها الصين والولايات المتحدة الأمريكية. وتعد صناعة السيارات والآلات والمعدات وهندسة المصانع والصناعات الكيميائية من بين القطاعات الناجحة بشكلٍ خاص في السوق العالمية. وتتمتع ألمانيا في الوقت نفسه بمشهدٍ متنوع ونشط من الشركات الناشئة. يتكوَّن العمودُ الفقريُّ للاقتصاد الألماني من الشركات متوسطة الحجم، والتي تضم العديدَ من الأبطال الخفيين الناجحين عالميًا من جميع مناطق ألمانيا.

تعتبر القوة الابتكارية للشركات الألمانية هي المُحرِّك للتنمية الاقتصادية. ومن أجل تأمين هذه القوة وتعزيزها، تستثمر ألمانيا أكثر من ثلاثةٍ بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي في البحث والتطوير. يتدفَّق أكثرُ من ثلثي إجمالي هذا الإنفاق الذي يزيد عن 121 مليار يورو سنويًا إلى الاقتصاد. وتشجِّع ألمانيا أيضًا على وجه التحديد التقنيات والابتكارات ونماذج الأعمال الجديدة السريعة ذات القفزات. ولهذه الغاية أُنشئت الوكالة الاتحادية للقفزات الابتكارية (SprinD GmbH, 2019) والوكالة الألمانية للنقل والابتكار (DATI, 2021) في السنوات الأخيرة. وأقرت الحكومة الاتحادية بالفعل استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي في العام 2018 ، وقررت في صيف العام 2022 استراتيجيةً مماثلة للشركات الناشئة.

الدول التجارية الخمس الكبرى

Handelsnationen

من اقتصاد السوق الاجتماعي إلى اقتصاد السوق الاجتماعي البيئي

شكَّل نموذج اقتصاد السوق الاجتماعية أساس السياسة الاقتصادية الألمانية منذ العام 1949. هذا المفهوم الذي نشأ في فترة ما بعد الحرب والذي طوَّره فيما بعد المستشار الاتحادي اللاحق لودفيغ إيرهارد، وضع ألمانيا على طريق تنمية ناجح. وهو يضمن العمل المؤسسي الحر ويسعى في الوقت نفسه لتحقيق التوازن الاجتماعي.

وتطمح الحكومة الاتحادية إلى مواصلة تطوير اقتصاد السوق الاجتماعية الراسخ إلى اقتصاد سوق اجتماعية بيئي. ويُنظر إلى حماية المناخ على أنها عنصرٌ مركزيّ في السياسة الاقتصادية، ويتجلَّى ذلك بالفعل من حقيقة أنه منذ انتخابات البوندستاغ في العام 2021 كانت هناك وزارة اتحادية للاقتصاد وحماية المناخ لأول مرة. وكان على رأسها روبرت هابيك (تحالف 90 /الخضر).

نموذج نجاح المؤسسات متوسطة الحجم والمركز المالي الأهم في أوروبا

يتميز الاقتصاد الألماني بشركاتٍ متوسطة الحجم قوية. أكثر من 99 في المئة من جميع الشركات في ألمانيا هي شركاتٌ متوسطة الحجم. وهي توفر كذلك أكثر من نصف فرص العمل وتوظِّف حوالي 80 بالمئة من طلبة التأهيل الهني. وتُؤمِّن بذلك التأهيل المهني المزدوج، والذي يجمع بين المعرفة النظرية في المدارس المهنية وبين التدريب العمليّ في الشركات. يتمتع هذا النموذج بسمعةٍ طيبة في جميع أنحاء العالم ويُعتمَد من قِبل العديد من البلدان. علاوةً على ذلك، تشكِّل الشركاتُ الكبيرة الناجحة دوليًا هويةَ الموقع الاقتصاديّ وترسم ملامحه. أُدرج العديدُ منها في مؤشر في البورصة الألمانية داكس (DAX) في فرانكفورت، التي تعتبر أهم مركز مالي في أوروبا القارية. فهي تحتضن أيضا البنك المركزي الأوروبي (EZB) الذي يعتبر أيضا المؤسسة التي تراقب استقرار سعر صرف اليورو.

سوقُ عملٍ مستقر وجذَّاب

أثبتت سوق العمل الألمانية قوتها وصلابتها في الماضي، حتى في أوقات الأزمات، مثل جائحة كورونا. وتندرج ألمانيا في الاتحاد الأوروبي ضمن البلدان ذات مُعدَّل التوظيف الأعلى ومُعدَّل البطالة الأقل. حيث تُسجِّل البطالة بين الشباب انخفاضًا بالغًا أيضًا. ورغم القيود التي فرضتها الإجراءات ضد جائحة كورونا، استقر مُعدَّل البطالة في العام 2021 في المتوسط عند 5,7 بالمئة فقط. وأثبتت إعانة البطالة قصيرة الأجل نجاعتها في هذا الصدد. حيث تغطي الدولة مؤقتًا جزءًا كبيرًا من الراتب المفقود، إذا اضطر الموظفون لتأدية ساعات العمل المختصرة بسبب الوضع الاقتصادي للشركة. وهذا يُمكِّن الموظفين من الاحتفاظ بوظائفهم على الرغم من الأزمة، كما يضمن للشركات عدم فقدان موظفيها.

تُعد الكوادر المتخصصة المُدرّبة جيدًا شرطًا أساسيًا للقدرة التنافسية للاقتصاد الألماني. لذلك تركِّز ألمانيا من جهة على زيادة تحسين الظروف الإطارية في الداخل، على سبيل المثال من خلال توسيع نطاق رعاية الأطفال طَوال النهار. وتساعد اللوائح القانونية، مثل قانون الهجرة للكوادر المتخصصة، من جهةٍ أخرى على جذب الكوادر المتخصصة من الخارج، وذلك أيضًا أمام مشهد التغيير الديموغرافي الحاصل.

رقمنة الاقتصاد

تواجه ألمانيا، مثل كل بلدٍ تقريبًا على هذا الكوكب، تحدّيًا لدفع رقمنة الموقع الاقتصادي، وفي الوقت نفسه تشكيل التغيير الرقمي في عالم العمل. ولتحقيق هذه الغاية، تُوسَّع البنيةُ التحتية الرقمية من خلال الاتصالات المتنقلة ذات النطاق العريض والجيل الخامس، من بين تروِّج ،(IoT) أمورٍ أخرى. مع التطوُّر التكنولوجي لإنترنت الأشياء ألمانيا بشكلٍ خاص للتغيير إلى الثورة الصناعية الرابعة، حيث تتشابك عمليات الإنتاج تشابكًا وثيقًا مع إمكانيات الاتصال بالإنترنت. وتريد الحكومة الاتحادية، فضلاً عن ذلك، أن تجعل ألمانيا موقعًا رائدًا في أوروبا في خضم استراتيجية الشركات الناشئة. وتهدف العديد من التدابير والمبادرات، على سبيل المثال في مجالات الابتكار والرقمنة والاستدامة، إلى تحسين الظروف الإطارية للتأسيس وتبسيط تمويل الشركات الناشئة.