مسؤوليةٌ مشتركة
تعي ألمانيا مسؤوليتها الدولية باعتبارها رابع أكبر اقتصادٍ قوميٍّ في العالم وأكبر دولةٍ عضوٍ في الاتحاد الأوروبيّ. وتسعى الحكومةُ الاتحادية في السياسة الخارجية وسياسة الأمن والدفاع إلى التعاون الوثيق مع شركائها الديمقراطيين من أجل الدفاع عن القيم المشتركة ومجابهة التحدّيات العالمية، مثل تغيُّر المناخ ووباء كورونا. وتتبلور نقطةُ الارتكاز المحورية في هذا الصدد في مشروع الاتحاد الأوروبي للسلام والحرية، والذي تشارك ألمانيا، بصفتها عضوًا مؤسِّسًا، في تشكيل مستقبله. تربط شراكةٌ وثيقةٌ تاريخيًا بين ألمانيا وفرنسا، وتعتبر الصداقة والتعاونُ الفرنسيُّ الألمانيُّ مُحرِّكًا للاتحاد الأوروبي تقوم عليه العديد من المبادرات الرامية إلى تحقيق الاندماج والتكامل الأوروبي. كما يوفِّر ما يُسمَّى بمثلث فايمار منتدى مهمًا للتعاون بين ألمانيا وفرنسا وبولندا. ويُضافُ إلى ما سبق رسوخُ ألمانيا الثابت بقوة في مجتمع قيم التحالف عبر الأطلسيّ مع الولايات المتحدة.
تنسج ألمانيا كذلك خيوطًا متشابكة بشكلٍ مكثَّف ومتنوع في السياسة الدولية. حيث تقيم ألمانيا علاقاتٍ دبلوماسية مع ما يقرب من 200 دولة، وهي عضوٌ في العديد من المنظمات المختلفة متعددة الأطراف ومجموعات التنسيق الدولية غير الرسمية مثل «مجموعة الدول السبع» G7. وزيرةُ الخارجية منذ ديسمبر/كانون الأول 2021 هي أنالينا بيربوك (حزب الخضر). ويعمل حوالي 12000 شخص في وزارة الخارجية التي يقع مقرها في برلين. ويوجد لدى ألمانيا ما مجموعه 225 بعثة وممثلية في الخارج.
يتجسَّد الهدف ذو الأولوية للسياسة الخارجية الألمانية في الحفاظ عل السلام والأمن في العالم. ويندرج ضمن الإحداثيات الأساسية الاندماج الشامل في هياكل التعاون متعدد الأطراف. وهذا يعني بالتحديد: شراكاتٌ بنَّاءة مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والشركاء عبر المحيط الأطلسي، والدفاع عن حق إسرائيل في الوجود، والمشاركة النشطة والملتزمة في الأمم المتحدة والمجلس الأوروبي، وكذلك تعزيز البنية الأمنية الأوروبية في إطار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ( OSCE OSCE تشارك 57 دولة في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا "OSCE" وهي تعتبر منتدى شاملا للتعاون الأوروبي. مهمات OSCE تتجلى فعليا وقبل كل شيء بالوقاية من الأزمات. وتشارك ألمانيا بشكل كبير في مهمات المنظمة بالمال والرجال. السكرتارية العامة للمنظمة مقرها في العاصمة النمساوية فيينا.→ osce.org معرفة المزيد › ).
التزامٌ بحقوق الإنسان
حقوقُ الإنسان هي أساسُ السياسة الخارجية الألمانية. تنص المادة 1 من الدستور الألماني (القانون الأساسي) على أنه «لا يجوز المساس بكرامة الإنسان». وتُسخِّر ألمانيا جهودها من أجل ذلك أيضًا مع شركائها في جميع أنحاء العالم. وهذا ليس التزامًا أخلاقيًا فحسب، بل يصب أيضًا في مصلحة السياسة الخارجية، لأن احترام حقوق الإنسان يساهم في السلام والتنمية المستقرة.
يشمل المفهوم المُوسَّع للأمن الذي تنتهجه ألمانيا بجانب قضايا منع الأزمات ونزع السلاح والحد من التسلُّح، جوانبَ اقتصادية وبيئية واجتماعية مستدامة. وتندرج ضمن ذلك أيضًا العولمةٌ مع فرصٍ للجميع، وحمايةٌ للبيئة والمناخ عابرةٌ للحدود، والحوار بين الثقافات، ناهيك عن الانفتاح على الزوار والمهاجرين. هذا المفهوم الشامل يتضمن التزام الحكومة الاتحادية بتنفيذ سياسة خارجية نسوية تهدف إلى تعزيز حقوق وموارد وتمثيل المرأة والفئات المهمشة وتعزيز التنوع.
لقد قبلت ألمانيا أيضًا، ضمن إطار متعدد الأطراف، المسؤولية المتزايدة التي وقعت على عاتق البلاد بعد إعادة توحيد شطري البلاد في عام 1990: حيث تساهم ألمانيا في تحقيق الاستقرار في مناطق الأزمات وفي الحلول السياسية للصراعات من خلال جهود متعددة ومتزايدة باستمرار. كما تشارك في الحفاظ على هياكل حفظ السلام وتساهم في إدارة الأزمات عن طريق إرسال أفراد والمشاركة بعثات السلام التي تفوضها الأمم المتحدة.
تُقدِّم ألمانيا أيضًا مساعداتٍ إنسانية في الأزمات أو النزاعات أو الكوارث الطبيعية لمساعدة الأشخاص المحتاجين. وتعمل ألمانيا في خضم ذلك مع مؤسسات الأمم المتحدة والصليب الأحمر والهلال الأحمر والمنظمات غير الحكومية. كما تسترشد ألمانيا في مجال التعاون الإنمائي بأهداف الاستدامة المنصوص عليها في جدول أجندة الأمم المتحدة 2030، وهي تشتمل على الأهداف السبعة عشر التي تضم مكافحة الجوع والفقر وحماية المناخ والمساواة بين الجنسين.