صفقة أوروبا الخضراء
وضع الاتحادُ الأوروبيُّ لنفسه بموجب «الصفقة الخضراء» هدفًا واسع النطاق. يُفترض أن تصبح أوروبا أول قارةٍ محايدة من حيث التأثير على المناخ بحلول العام 2050. وهذا يعني عدم انبعاث غازات دفيئة أكثر مما يمكن أن تمتصه النظم البيئية بشكلٍ طبيعي. وتهدف الخطة، بحلول عام 2030، إلى تحقيق انخفاض بنسبة 55 في المائة على الأقل في انبعاثات غازات الدفيئة عن مستويات 1990. إحدى الأدوات الرئيسية تتجلى في حزمة «الاستعداد من أجل 55»، التي تتضمن إجراءات واضحة. من الضروري أيضا توفير حياة صحية أفضل للأجيال القادمة.
المشروع الذي قدمته رئيسةُ المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عندما تولَّت منصبها في ديسمبر/كانون الأول 2019 لا يعد مجرد خطة رئيسية للسنوات القليلة المقبلة. فالمشروع يرصد العقود الثلاثة القادمة في إطار السعي لتحديث أوروبا على المستوى الاجتماعي وبشكلٍ مستدام. وتتعاطى المفوضية مع الأخطار المتنامية التي يفرضها تغيُّرُ المناخ وانقراضُ الأنواع على اقتصادات الاتحاد الأوروبي.
تدعم ألمانيا «الصفقة الخضراء» وقد وضعت لنفسها أهدافا طموحة بهذا الخصوص. حيث يفترض أن تحقق الحيادية المناخية بحلول العام 2045.
الفرص الكامنة في التقنيات الخضراء
تشكل الصفقة الخضراء جوهر استراتيجية النمو الجديدة. الفكرة الرئيسية بسيطة: يرتبط جزء كبير من الأداء الاقتصادي لأوروبا بالحفاظ على الموارد والأسس الطبيعية. وهذا يشمل الماء والهواء والتربة، تماما كما يشمل الغابات والبحار والمناخ المستقر. ومن أجل ضمان النمو والازدهار في المستقبل أيضا، تعتبر «الوقاية خير علاج». لهذا السبب تعول الصفقة الخضراء على التقنيات الخضراء، والتعامل الحذر واللطيف مع البيئة. الهدف هو تحقيق الفصل بين النمو الاقتصادي واستهلاك الموارد، وخلق فرص عمل جديدة في ذات الوقت. كما أن المبادرات العديدة لهذا المشروع تمنح الشركات الأمان اللازم، من أجل التخطيط للمستقبل، وتضع الإطار لبناء اتحاد أوروبي قادر على مواجهة الأزمات
اعتبار الاستدامة مبدأ أساسيا للاتحاد الأوروبي، ليس بالأمر الجديد. إلا أن الصفقة الخضراء تتجاوز هذا الاعتبار. فهي تدعم وتُسَرّع التحول الذي بدأ فعليا، وتجعل منه فكرة شاملة للمستقبل. وتراعي الخطة كافة مجالات الاقتصاد والمجتمع، من الصناعة والتجارة والنقل والزراعة، إلى التنوع الحياتي والعضوي والإرث الطبيعي ودورة الاقتصاد والتحول البنيوي. وحتى على صعيد الضرائب والمال – التي تعتبر من الأدوات المهمة في مشروع التحول – سوف يتم في المستقبل مراعاة الجوانب والمعايير «الخضراء».